اخبار

المسرحي السوري غزوان البلح يُتوّج مسيرته بمسرحية ” سوق الأسئلة “

المسرحي السوري غزوان البلح يُتوّج مسيرته بمسرحية ” سوق الأسئلة “

 

سامر خالد منصور / سورية

 

كاتبٌ وممثلٌ لم تمنعه ظروفُ الاغتراب القسريِّ الذي أعقبَ إخلاءَ سبيله من المعتقل، لم تمنعه ظروفُ الاغتراب تلك من السعي لإيصال معاناة شعبه عبر الفن. فأسَّس مع مجموعةٍ من الشبان السوريين فرقة ” تياترو سين ” المسرحيةً بعد أن استقرَّ به الحالُ في تركيا. وهو يعودُ الآن، بعد التحرير، إلى وطنه ليساهمَ كتابةً وتمثيلاً في أولى المسرحيات التي تُعرض في دمشق في العهد الجديد. إنه الكاتبُ والممثل غزوان البلح .

 

وقد التقيناه أثناء بروفات العرض المسرحي “سوق الأسئلة”، وهو من بطولته وتأليفه وكان لنا معه الحوارُ الآتي :

 

هذا النص مأخوذٌ عن رواية رصاصة للكاتبِ الدراميِّ الشهير فؤاد حميرة رحمه الله. ما سبب اختيارك لهذه الرواية بالذات ؟

 

عندما تنتصرُ الثوراتُ ويزولُ الطغيانُ، يصبحُ هناك فرصةٌ لكلِّ الكتابِ الشرفاءِ المُناضلين بإبداعاتهم الذين انحازوا إلى الحقِّ، أن يعودوا إلى منابرِ الوطنِ ويعرضوا فنَّهم هناك. من هذا المُنطلقِ اخترنا أن يكونَ الكاتبُ القديرُ فؤادُ حميرة مع شعبه روحاً وفكراً عبر هذه العرض المسرحي عن روايته “رصاصة” وعن شخصيته وقد قرأتُ كثيراً من مؤلفاتِه، ووجدتُ أنَّ أفضلَها من حيث القابلية للتحول و الإسهامُ في نصٍّ مسرحيٍّ هي روايةُ “رصاصة”. قرأتُها مراتٍ خمس، فليس من السهلِ تحويلُ روايةٍ إلى نصٍّ مسرحيٍّ.

 

وحولَ تفاصيلِ تجربةِ العرضِ المسرحيِّ “سوق الأسئلة”، قال الكاتبُ غزوان إنَّ هذا العرضَ كان توليفةً من ثلاث مسائل: الروايةِ (بعض خطوطِها الدراميةِ وأحداثِها)، ونصٍّ مسرحيٍّ من تأليفه ينسجمُ معها، وشيءٍ من حياةِ الكاتبِ القديرِ فؤادِ حميرة وشخصيتِه.

 

قدَّم الكاتبُ غزوان في دمشقَ عرضين مسرحيين مُتتاليين، حيث لم يُنقص فقدانُه لفرقتِه المسرحيةِ التي أسَّسها في تركيا من حماسِه وشغفِه. فتلك الفرقةُ انتهت بسببِ بقاءِ عددٍ من أفرادِها في المُغتربِ. من أبرزِ ما اتسمت به أعمالُها النقدُ السياسيُّ لنظامِ الأسدِ البائدِ بشكلٍ رئيس ، ثم لبعضِ أخطاءِ المعارضة من قبيل النقدِ البنّاءِ.

 

وحولَ ظروفِ العملِ المسرحيِّ الحاليِّ في سوريا، قال الكاتبُ غزوان البلح : إنَّها ما زالتْ سيئةً جداً، ويعتقدُ أنَّ العهدَ الجديدَ بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الزمنِ لتحسينِها. أما من جهةِ الرقابةِ على النصوصِ، فقد تفاجأ بالمستوى الرقابيِّ المُخيِّبِ للآمالِ، حيث اشترطتْ عليه الرقابةُ عدةَ تعديلاتٍ على النصِّ المسرحيِّ، مما جعلهُ يُغيِّرُ حتى في احدى الشخصيات ذاتِ الدورِ الذي لا يُستهانُ به في تكامل رؤية العرض المسرحي الاجتماعية. وبرغمِ هذا، ما زالَ الكاتبُ يتأمَّلُ خيراً فيما هو قادمٌ لجهةِ ازدهارِ المسرحِ السوريِّ وتخلُّصِه من العراقيلِ.

 

امتازَ العرضُ المسرحيُّ “سوق الأسئلة” بالتفاعلِ الراجِعِ بنسبةٍ كبيرةٍ بين شكلين من أشكالِ الصراعِ: صراعِ الفردِ مع المجتمع والظروف الاجتماعية الضاغطة ، وصراعِ الفردِ مع نفسِه ومع مأساتِه الخاصةِ والجِراحِ النفسيةِ لطفولتِه الفقيرةِ المُرَّة . في هذا الصددِ، طلبنا من الأستاذِ غزوان الحديثَ عن اشتغالِه على التفاصيلِ النفسيةِ للشخصياتِ، فلَفَتَ قائلاً:

إنَّ السقفَ الرقابيَّ لم يتغيَّرْ عن العهدِ البائدِ، مؤكداً أن “هذا لا يليقُ بالتضحياتِ الجسامِ التي قدَّمها الشعبُ السوريُّ”. كما أكَّدَ أنَّ فنَّ المسرحِ تحديداً لا يمكنُ أن يزدهرَ في ظلِّ رقابةٍ خانقةٍ. وأردفَ قائلاً:

يجب أن تقتصرَ الرقابةُ على المسائلِ الفاضحةِ في كونِها قد تستفزُّ المجتمعَ وتُخدشَ قيمَه. ودونَ ذلك، يجب أن يكونَ كلُّ شيءٍ مُتاحاً. إنَّ كَمَّ الأفواهِ عن الحديثِ عن أيِّ فئةٍ من فئاتِ المجتمعِ هو إسهامٌ في إفسادِ تلك الفئةِ. فإذا أخذنا فئةَ رجالِ الدينِ على سبيلِ المثالِ، فإنَّ أكثرَ ما يُسيءُ إلى رجلِ الدينِ المُخلصِ النبيلِ ، هو رجلُ الدينِ الآخرِ المُزَوَّرِ الذي يُتاجرُ بالدينِ. ومن هنا يكونُ النقدُ بناءً، لأنَّه يُفصِلُ بين الحقيقي والمُزوَّرِ في كلِّ فئةٍ، ويزيدُ وعيَ الناسِ للتمييزِ بينهما، وبالتالي يتمُّ توجيهُ امتعاضِ الناسِ بعيداً عن الدينِ، وإنَّما تجاهَ المُزيَّفين الذين يتاجرون بالدينِ لتحقيقِ منافعَ شخصيةٍ. إنَّ المجتمعاتِ التي تُمارسُ سُلُطاتُها أكبرَ قدرٍ من إسباغِ القداسةِ على فئاتٍ فيها، هي المُجتمعاتُ الأكثرُ تَخلُّفاً، والأقلُّ قابليَّةً للإصلاحِ والتطورِ والازدهارِ الذي ينشده العملُ الفنيُّ عبرَ اشتغالِه على الوعيِ لدى العامةِ.

وأكَّدَ الكاتبُ غزوان على ضرورةِ دعمِ وزارةِ الثقافةِ في العهدِ الجديدِ للمسرحِ، وللاستثمارِ في هذا الفنِّ، انطلاقاً من واجبِ استعادةِ ريادةِ المسرحِ السوريِّ العريقِ لمكانتَه العربيةَ المميزةَ. ولافتاً إلى كونِ العرضينِ المسرحيينِ اللذين ألَّفَهما ومثَّلَ فيهما ( حياة باسل أنيس ، سوق الأسئلة) قاما على جهودٍ شخصيةٍ من المُمثلينِ ومن المخرج الأستاذ محمد حميرة ومنه ومن الفنيينَ .

 

بطاقة العرض المسرحي ” سوق الأسئلة ” :

 

إخراج

محمد حميرة

 

تأليف وبطولة

غزوان البلح

 

الممثلون

 

سيدرا جباخنجي

حسام سالم

نور سليمان

نور العُلبي

جمال زعير

بشر أكريم

لين شلغين

ندى شعبان

 

فريق العمل

 

إشراف عام

الدكتورة جمانة أبو زيد

 

مساعد مخرج

نور سليمان

 

تصميم إضاءة

إياد المساودة

 

مدير منصة

إخلاص الشوّا

 

تنفيذ صوت

جمال الشرع

 

تنفيذ إضاءة

عماد حنوش

 

تركيب إضاءة

مدين زهرة ، إياد الخطيب

 

ميك أب أرتيست

ميريام حميرة

 

هوية بصرية

سارة حسن

 

خدمات مسرحية

علي النوري

المسرحي السوري غزوان البلح يُتوّج مسيرته بمسرحية " سوق الأسئلة "

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى